من لندن إلى القاهرة.. الزمالك يسير على نهج تشيلسي بقيادة جون إدوارد
في كرة القدم الحديثة، لا تكفي الملاعب وحدها لحسم الانتصارات، وهذا ما أدركه الزمالك جيدًا عندما قرر تعيين جون إدوارد مديرًا رياضيًا بعد نجاحه في فاركو.
الزمالك المصري، بعد سنوات من العشوائية فيما يخص صناع القرار لكرة القدم ولجان مختلفة، قرر التعاقد مع جون إدوارد لبناء مشروع جديد للفارس الأبيض.
المدير الرياضي الجديد للزمالك جاء من فاركو، ليحسم صفقتين من النادي الذي يتخذ الإسكندرية مقرًا له، مثلما حدث من قبل بين تشيلسي وبرايتون باختلاف الظروف.
تشيلسي وبرايتون.. تجربة أثبتت النجاح
في السنوات الخمس الأخيرة، بات من الصعب الحديث عن نشاط تشيلسي في سوق الانتقالات دون المرور بمحطة برايتون.
النادي اللندني وجد في برايتون منجمًا للكوادر سواء داخل المستطيل الأخضر أو خارجه، ليصبح برايتون مصدرًا دائمًا لتغذية طموحات الأسود الفنية والإدارية.
بدأ مسلسل الانتقالات بين الناديين في صيف 2022، حين تعاقد تشيلسي مع الظهير الإسباني مارك كوكوريلا، بعد موسم مميز قدمه مع برايتون، وسنوات للاعب السابق لبرشلونة في الليجا مع أندية مثل خيتافي وإيبار.
الصفقة كلفت خزينة البلوز ما يقارب 62 مليون جنيه إسترليني، لتصبح في وقتها أغلى صفقة لمدافع في تاريخ النادي اللندني.
وبعد عام واحد فقط، عاد تشيلسي مجددًا لخطف أحد نجوم برايتون، فضم الحارس الإسباني روبرت سانشيز في صيف 2023 مقابل 25 مليون جنيه إسترليني، لتعويض رحيل السنغالي إدوارد ميندي الذي انضم إلى الدوري السعودي عبر بوابة أهلي جدة.
الضربة الكبرى جاءت في صيف 2023 أيضًا، عندما دخل تشيلسي في صراع شرس مع ليفربول من أجل موسيس كايسيدو، لاعب الوسط الإكوادوري الذي خطف الأنظار في “أميكس ستاديوم”.
انتهى الصراع بانضمام اللاعب إلى تشيلسي مقابل مبلغ قياسي بلغ 115 مليون جنيه إسترليني، كأغلى صفقة في تاريخ الدوري الإنجليزي حتى تلك اللحظة.
وأخيرًا في صيف 2025، حين تعاقد تشيلسي مع المهاجم البرازيلي جواو بيدرو من برايتون، بعدما قدّم موسمًا مبهرًا مع الفريق. الصفقة تعززت بطموح اللاعب وإصراره على الانتقال للبلوز، وحصل مع أزرق العاصمة على لقب كأس العالم للأندية خلال 3 مباريات فقط.
وقبل أن ينضم إلى ستامفورد بريدج، تألق مع البلوز في بطولة كأس العالم للأندية، وبعدما انضم مقابل 64 مليون يورو، جلب للبلوز أكثر من 80 مليون بعد التأهل لنهائي المونديال، حيث سجل ثنائية في الفوز على فلومينينسي بنصف النهائي.
لم يكتفِ تشيلسي بجلب اللاعبين، بل امتدت يده إلى الطواقم الفنية والإدارية في برايتون. أبرزهم كان المدرب جراهام بوتر، الذي تولى القيادة الفنية للفريق اللندني في سبتمبر 2022 عقب إقالة توماس توخيل.
الصفقة كلّفت تشيلسي أكثر من 20 مليون جنيه إسترليني كتعويض لبرايتون، لكن التجربة لم تدم طويلًا، حيث أُقيل بوتر في أبريل 2023 بعد تراجع النتائج.
ومع بوتر، انتقل طاقمه الفني بالكامل تقريبًا، بينهم المساعد بيلي ريد، ومدرب الحراس بن روبرتس، بالإضافة إلى الإسباني برونو سالتور الذي تولى تدريب الفريق مؤقتًا بعد رحيل بوتر.
وفي الجانب الإداري، نجح تشيلسي في ضم أحد أبرز العقول الكروية في برايتون، وهو بول وينستانلي، المدير التقني السابق، الذي انضم للنادي اللندني في نوفمبر 2022، ولعب دورًا محوريًا في صفقات كايسيدو وسانشيز، وأخيرًا جواو بيدرو، وبدأ في أن يحكم سيطرته على البلوز.
أصبح برايتون أقرب ما يكون إلى فرع تطوير لتشيلسي خلال السنوات الأخيرة، وسط علامات استفهام لأسئلة: هل هي شراكة ذكية أم استنزاف ممنهج؟ خاصة وأن برايتون دائمًا ما ينشط في سوق الانتقالات ببيع لاعبين بعد انضمامهم بأسعار أقل من التي يجلبونها لملعب أميكس.
Chelsea is pleased to announce that Paul Winstanley has been appointed to the role of Director of Global Talent and Transfers.
— Chelsea FC (@ChelseaFC) November 15, 2022
وما هو مؤكد أن تشيلسي لا يزال يرى في برايتون أكثر من مجرد نادٍ منافس، بل خزانًا لا ينضب من المواهب والعقول.
الزمالك يكرر التجربة بقيادة جون إدوارد
منذ تعيينه مديرًا رياضيًا لنادي الزمالك، لم يضيّع جون إدوارد الكثير من الوقت في ترتيب أولوياته داخل البيت الأبيض. الرجل الذي كان مسؤولًا عن التخطيط الرياضي في نادي فاركو، عاد سريعًا إلى الأسماء التي يعرفها جيدًا، ليحاول استنساخ تجربة عمله السابقة، ولكن هذه المرة على مسرح أكبر وتحت ضغط جماهيري مختلف تمامًا.
جون إدوارد، الذي عمل مديرًا للتعاقدات والتخطيط الرياضي في فاركو، ترك بصمة واضحة خلال فترة عمله هناك، بعدما كان وراء ضم عدد من المواهب الشابة وصقلها داخل الفريق البرتقالي.
قدرته على اكتشاف العناصر الصاعدة ودمجها في مشروع بعيد المدى، كانت أحد أبرز أسباب تعيينه في الزمالك، بعد الأزمات الإدارية والفنية في السنوات الأخيرة.
لكن مع توليه المسؤولية في ميت عقبة، يبدو أن إدوارد يفضل عدم المخاطرة مبكرًا، ويعيد التواصل مع العناصر التي كان يثق بها في فاركو.
بعدما تعاقد مع المدير الفني يانيك فيريرا، وجلب شركة ملابس ترعى قمصان الفريق، يأتي الدور على فاركو، وضم الثنائي أحمد شريف وعمرو ناصر.
شـريف الحـريف في نادي الملوك ✨#Zamalek | #MostTitledIn20C | #الزمالك_أولًا | #أكبر_قلعة_رياضية pic.twitter.com/igA3z4LYbl
— Zamalek SC (@ZSCOfficial) July 15, 2025
شريف وناصر ثنائي انضما إلى الزمالك، ويعرفهم إدوارد جيدًا قبل رحيله، وبالتالي المدير الرياضي الجديد للزمالك يرى فيهم نواة مشروع يمكن البناء عليه، خاصة في ظل سعي النادي لتجديد دمائه والاعتماد على مواهب صغيرة ذات تكلفة مالية معقولة نسبيًا، في ظل الأزمة المالية التي يُعاني منها الأبيض.
تشابه المشهد بين ما فعله تشيلسي مع برايتون، وما يفعله الزمالك الآن مع فاركو تحت إشراف جون إدوارد، يجعلنا ننتظر نتيجة ذلك على الأبيض، خاصة وأن كل العناصر التي نجحت في فاركو، لديها بيئة مختلفة ولكنها أرض خصبة في كرة القدم، مع الدعم الجماهيري والإعلامي الأكبر لدى الأبيض.
الفارق الأكبر هنا أن الزمالك لا يملك رفاهية الوقت أو الصبر الجماهيري، مما يضع مزيدًا من الضغوط على جون إدوارد وإدارة الزمالك بالكامل.
