هل انتهى وقت فينيسيوس؟ ساكا قد يكون الحل المثالي لريال مدريد!

لعدة سنوات، عانت الجبهة اليمنى لريال مدريد الإسباني من حالة من عدم الاستقرار، وتحديدًا منذ هبوط مستوى ماركو أسينسيو ومن قبله جاريث بيل، ومع سيطرة فينيسيوس جونيور على الجناح الأيسر، أصبح الجناح الأيمن هو المركز الذي يُسد فيه العجز بلاعبين لا يجيدونه بشكل كامل مثل فيديريكو فالفيردي ولوكاس فاسكيز.
قد تبدو فكرة تخلي ريال مدريد عن فينيسيوس جونيور، أحد رموز مشروعه الحديث، في عز تألقه فكرة جنونية، لكن حين تدخل الأرقام، والجوانب الاقتصادية، والأمور التكتيكية، والمزاج العام للاعبين والجماهير في المعادلة، تبدأ الصورة تتغيّر، وهنا نفتح باب الاحتمال: هل بوكايو ساكا لاعب أرسنال الإنجليزي هو الورقة التي يجب أن يخطط لها بيريز؟
ثغرة مزمنة في تشكيل ريال مدريد
ساكا يقدم أداءً مذهلًا في الجهة اليمنى مع أرسنال، فهو مركزه الأساسي والمفضل، لا يجيد فقط الاختراق، بل يتحرك بذكاء لخلق المساحات، ويعرف متى يتراجع لبناء اللعب ومتى يهاجم العمق.
مع رحيل بيل، وتراجع مستوى أسينسيو، لم يجد الفريق جناحًا أيمنًا صريحًا بنفس الكفاءة. رودريجو جُرّب هناك، لكنه يؤدي بشكل أفضل في العمق أو الجهة اليسرى، وحتى فالفيردي وفاسكيز ليسا أفضل الخيارات في هذا المكان.
حتى أنشيلوتي قالها صراحة: “رودريجو لديه إمكانيات كبيرة ليكون مهاجم صريح أو مهاجم ثاني، واللعب كجناح ليس جيدًا له بنفس القدر.”
بالنظر لإحصائيات الموسم الحالي فقد استطاع ساكا صناعة 13 هدفًا في كل البطولات مقابل 10 أهداف صنعهم رودريجو والمفاجأة أن ساكا لعب 19 مباراة أقل من رودريجو هذا الموسم.
اسم اللاعب | عدد التمريرات الحاسمة | عدد المباريات في موسم 2024-2025 حتى الآن |
ساكا | 13 | 31 مباراة |
رودريجو | 10 | 50 مباراة |
التعاقد مع ساكا يغلق هذه الثغرة، ويعيد التوازن للجبهة الهجومية. ومع وجود مبابي في اليسار وبيلينجهام خلفهم، تصبح خريطة الهجوم واضحة ومنظمة، وهذا ما افتقده الريال منذ سنوات.
ساكا ضد فينيسيوس جونيور… الأرقام تنصف لاعب أرسنال
وجه المقارنة | ساكا | فينيسيوس جونيور |
عدد المباريات | 31 | 48 |
أهداف | 11 | 21 |
تمريرات حاسمة | 13 | 12 |
صناعة فرص محققة | 24 | 25 |
مراوغات ناجحة | 47/102 | 121/290 |
نسبة نجاح المراوغات | 46 % | 41.7 % |
التسديد من خارج منطقة الجزاء | 16 | 37 |
خلال الموسم الحالي استطاع ساكا صناعة 13 هدفًا في كل البطولات مقابل 12 هدفًا صنعهم فينيسيوس جونيور، ومع وضع الفارق الفردي بين عناصر أرسنال وريال مدريد وكذلك فارق المستوى بين الدوري الإنجليزي والإسباني، تبدو المقارنة هنا في صالح ساكا.
كذلك خاض ساكا 31 مباراة فقط في كل البطولات مقابل 48 مباراة خاضها فينيسيوس جونيور ما يدل على فعالية أكبر لصالح ساكا.
وعند وضع ساكا في منظومة أقوى على المستوى الفردي والجماعي بالتأكيد سيزداد معدل صناعته للأهداف ويصبح مرشح بقوة لتخطي أرقام فينيسيوس جونيور.

كذلك، صنع ساكا 24 فرصة محققة لزملائه مقابل 25 صنعها فينيسيوس لكن سبق وأن ذكرنا أن ساكا لعب 17 مباراة أقل من فينيسيوس.
على مستوى المراوغات، يتفوق جونيور في عدد المراوغات الإجمالي وعدد المراوغات الصحيحة، لكن نسبة المراوغات الصحيحة تنصف جونيور مما يعني أن ساكا يراوغ بدقة أفضل من فينيسيوس.
جبهة يمنى إنجليزية
مع التقارير المتزايدة عن اقتراب الظهير الأيمن الإنجليزي أليكساندر أرنولد من الانضمام إلى ريال مدريد، تبدأ صورة جبهة يمنى جديدة ومخيفة في الظهور.
لاعب يمتاز بالسرعة ودقة العرضيات والرؤية الفريدة في مركز الظهير، يتعاون مع جناح سريع وهداف ومراوغ، يتحرك بدون كرة في المساحات.
بالإضافة لهذه المميزات، التناغم لن يكون تكتيكيًا فقط، بل شخصي وإنجليزي الهوية، فكلاهما إنجليزيان ويتزاملان في منتخب الأسود الثلاثة، وهذا عامل قوي داخل غرفة الملابس.

كل هذا سيضاف إلى العنصر الأهم، وهو وجود نجم الفريق الإنجليزي بالفعل بيلينجهام، وهذا سيساعد في تكوين ثلاثي منسجم ومتفاهم وكذلك قوي جدًا على المستوى الفني في الجبهة اليمنى وارتباطها بعمق الملعب.
التناغم المُسبق من المنتخب الإنجليزي يلغي مرحلة فترة التأقلم أو على الأقل يساعد في انتهائها سريعًا، ويمنح المدرب الجديد سلاحًا جاهزًا للانفجار سريعًا.
استعادة التوازن المفقود في هجوم ريال مدريد
مع وصول كيليان مبابي إلى ريال مدريد، دخل الفريق مرحلة جديدة من النجومية، لكنها حملت معها أزمة خفية في توزيع الأدوار الهجومية.
مبابي، كما هو معروف، يفضل الجناح الأيسر أو دور المهاجم الحر، نفس المنطقة التي يبرع فيها فينيسيوس، بل وحتى رودريجو عندما يُمنح الحرية، وهنا نشأت المعضلة: ازدحام في الجهة اليسرى، وعدم استقرار في الجبهة اليمنى.
الحل؟ قد يكون في فكرة تبدو مجنونة على الورق، لكنها منطقية تكتيكيًا: بيع فينيسيوس والتعاقد مع بوكايو ساكا، فبهذه الخطوة، يستعيد ريال مدريد التوازن المفقود في منظومته الهجومية.
ساكا يتولى الجبهة اليمنى، مركزه المفضل، ويمنح الفريق خيارًا هجوميًا واضحًا وثابتًا، وفي المقابل، يتحرر مبابي ليتواجد على الجهة اليسرى أو في دور المهاجم الحر كما يحب، بينما يستعيد رودريجو مكانه الطبيعي في اليسار أو كمهاجم، بعيدًا عن اضطراره للعب كجناح أيمن.
النتيجة؟ خريطة هجومية أكثر وضوحًا، وتوزيع أدوار يضمن الانسجام بدلًا من التزاحم، بدلًا من ثلاثة نجوم يصطدمون على نفس الرواق، سيكون لريال مدريد جناح أيمن صريح هو ساكا، ومهاجم ممتاز هو مبابي، وجناح أيسر مميز هو رودريجو ويكون بيلينجهام خلفهم، مما يحوّل الفوضى إلى منظومة هجومية مرعبة ومنظّمة في آنٍ واحد.
تهدئة الأجواء
فينيسيوس يدخل في صدامات بشكل متكرر: جماهير، حكام، عنصرية، خصوم، هذه القنبلة الموقوتة باتت عبئًا على النادي.

ساكا على النقيض: هادئ، ملتزم، يُحسن الرد على الضغوط، لا يصطدم كثيرًا مع الآخرين داخل أو خارج الملعب.
رودريجو والنسخة الأقل في الجبهة اليمنى
الموسم | عدد المباريات | عدد أهداف رودريجو | عدد التمريرات الحاسمة | ظروف الموسم |
2022-2023 | 57 | 19 | 11 | وجود بنزيما كمهاجم يترك المساحات للأجنحة في العمق |
2023-2024 | 52 | 18 | 9 | رودريجو يلعب كمهاجم أكثر من كونه جناح مع بيلينجهام وفينيسيوس جونيور |
2024-2025 | 50 | 13 | 10 | رودريجو جناح أيمن بجانب مبابي وفينيسيوس جونيور |
رودريجو لم يكن أفضل مواسمه وهو في الجبهة اليمنى، إحصائياته تُبرهن على ذلك:
في موسم 2022-2023، حين لعب كمهاجم بجوار بنزيما، سجل 19 هدفًا وصنع 11. في الموسم التالي، حين تنقّل في أدوار هجومية حرة، أحرز 18 هدفًا وصنع 9.
ولكن في موسم 2024-2025، بعد وصول مبابي وتمركزه كمهاجم، عاد رودريجو للجناح الأيمن وسجّل فقط 13 هدفًا وصنع 10.
الإحصائية الأسوأ هي أن رودريجو لم يسجل سوى هدفًا واحدًا خلال آخر 22 لقاء خاضهم مع ريال مدريد في الموسم الحالي، كما لم يسجل في آخر 12 لقاء على التوالي.
قيمة سوقية ومكاسب مزدوجة
فينيسيوس جونيور قد يجلب 200 مليون يورو إذا تم بيعه لأحد الأندية السعودية، وفي المقابل صفقة ساكا لا تزال متاحة بـ100-120 مليون يورو، وبالتالي ريال مدريد يستطيع ضم ساكا والاحتفاظ بمبلغ يقترب من 100 يورو في خزائنه أو يستخدمه في جلب صفقة أو اثنين إضافيتين.
هذا يعني أن الصفقة لن تخسر رياضيًا، وستحقق مكاسب مالية.
كفاءة ساكا الاقتصادية
راتب ساكا أقل من فينيسيوس جونيور، كما أنه لن يطالب بأن يكون نجم الفريق الأول، وهذا يعطي الإدارة مرونة في تجديد عقود النجوم وتوزيع الرواتب، كما أنه يمنح توازنًا نفسيًا داخل غرفة الملابس، وهي نقطة لا تُقدّر بثمن في الأندية الكبرى.

تأثير تجاري إنجليزي
تواجد ساكا مع بيلينجهام يعني طفرة في جمهور ريال مدريد الإنجليزي، مما يعني جمهور أكبر، حقوق بث أعلى، رعاة بريطانيون محتملون، فلن يكون ساكا مجرد صفقة رياضية، بل تجارية أيضًا.
فينيسيوس جونيور والبطاقات الملونة
اللاعب | عدد مباريات الإيقاف بسبب البطاقات الصفراء | عدد مباريات الإيقاف بسبب البطاقة الحمراء |
ساكا مع أرسنال | صفر | صفر |
فينيسيوس جونيور مع ريال مدريد | 7 مباريات (7 بطاقات صفراء) | مباراتين (بطاقة حمراء واحدة) |
البطاقات الملونة تسببت في إيقاف فينيسيوس جونيور عن اللعب في 9 مباريات منذ انضمامه لريال مدريد، بسبب تراكم البطاقات الصفراء أو الطرد المباشر.
في فريق يبحث عن التركيز والهدوء في سباق الألقاب، الانضباط يعد عنصرًا رئيسيًا في المنظومة.
في المقابل لم يتعرض ساكا للإيقاف بسبب البطاقات طوال مسيرته مع أرسنال.
خاتمة
في كرة القدم، القرارات الكبرى لا تُبنى على الأسماء، بل على المنطق، والاحتياجات، والمستقبل.
ورغم أن فكرة بيع فينيسيوس جونيور تبدو صادمة للوهلة الأولى، إلا أن النظر بعمق في تفاصيل المنظومة الحالية يُظهر أن وجود ساكا قد يُقدّم حلولًا تكتيكية واقتصادية ونفسية تفتقدها غرفة ملابس ريال مدريد.
ساكا ليس فقط جناحًا أيمنًا يُتقن مركزه، بل هو قطعة مفقودة تُعيد التوازن لخريطة هجومية تعاني من الازدحام في جهة، والفراغ في جهة أخرى، وتضخ طاقة جديدة في منظومة الفريق.
ومع استثمار مالي ذكي، وتناغم محتمل مع أرنولد وبيلينجهام، وسلوك احترافي داخل وخارج الملعب، يصبح سيناريو ضم ساكا ليس فكرة عابرة، بل مشروعًا متكاملًا يستحق أن يُطرح على الطاولة.
أما فينيسيوس، فرغم كل ما قدّمه، فقد يصل أحيانًا اللاعب والنادي إلى لحظة يحتاج فيها كل طرف إلى بداية جديدة.
ربما لم يُحسم شيء بعد، لكن لو قرر بيريز فتح هذا الباب، سيجد جمهورًا مستعدًا لسماعه، بل وربما لتأييده.